موضوع: حُكِيَ عن ذي النون المصري الأربعاء مايو 03, 2023 6:33 pm
حُكِيَ عن ذي النون المصري ،، قال : مَرَرْتُ يوماً في بعض الأسواق فرأيتُ جنازةً محمولةً على أربعة رجال ،، وليس معها أحد ،، فقلتُ : والله لأمضينّ مع هؤلاء وأكون خامسُهُم ؛؛ لأنالَ الأجْرَ .. فمضيْتُ معهم حتى أتوْا إلى الجَبّانَة ،، فقلتُ لهم : يا قوم ،، أين وليّ هذه الجنازة حتى يصلّي عليها ..؟؟!! ،، فقالوا : يا شيخ ،، كلُّنا في الأجْرِ سواء ؛؛ ليس فينا أحد يعرفُه ..! قال ذو النون : فتعجّبْتُ من ذلك عجباً شديداً ،، ثم تقدّمتُ وصلّيتُ عليه ،، وأنزلناه في لحْدِه ،، وواريناه التراب .. فلمّا همّوا بالانصراف قلتُ : ما شأنُ هذا الميّت ..؟! أخبِروني بحالِه .. ! فقالوا : لا نعلمُ غير أنّ امرأةً أمرَتْنَا لنحملَهُ وهي لاحقةٌ بِنَا .. فبينما نحن في الحديث إذ أقبلَتْ امرأة علينا ،، وعليها سيما الخير والصّلاح ،، وهي باكيةُ العين ،، حزينة القلب .. فلمّا وقفَتْ على القبر كشفَتْ وجهها ،، ونشرَتْ شعرها ،، ورفعَتْ يديها إلى السماء وهي تتضرّعُ وتبكي ساعة ،، ثم سقطَتْ على الأرض مغشيّاً عليها ،، ثم أفاقَتْ بعد ذلك وهي تضحك ..! قال ذو النون : فقلتُ أخبريني بخبر هذا الشاب المتوفَّى ،، وكيف الضحك بعد البكاء ؟! فقالت : من أنتَ يرحمُك الله ؟؟ ،، فقلتُ لها : ذو النون ،، فقالت : والله لولا أنّك من أولياء الله الصالحين ما أخبرتُكَ بِخَبَرِه .. ثم قالت : يا أخي ،، هذا الشاب وَلَدي ،، وقُرّةُ عيني ،، وكان تائهاً بشبابِه ،، ولم يتركْ سيئةً إلا ارتكبها ،، ولا معصية إلا سَعَى إليها وطلبها ،، قد بارز مولاه بالمعاصي والآثام ،، فحصل له ألمٌ عظيم منذ ثلاثة أيام ،، فقال لي : يا أمّاه ،، سألتُكِ الله إلا ما قضيتُ نحْبي وصيّتي إنْ أنا مِتُّ فلا تُعْلِمِي بموتي أحد ؛؛ فإنهم لا يترحّمون عليّ لسُوء عملي ،، وكثرة ذنوبي .. ثم بكى ،، وأنشدَ يقول : لي ذنوبٌ شَغَلَتْنِي عن صيامي وصلاتي ،، تَرَكَتْ جسمي عليلاً ،، مات من قبل الأوان ،، قد توالَتْ سيئاتي ،، وتلاشَتْ حسناتي .. قالت : ثم بكى بكاءً شديداً ،، وقال : آهٍ مِمّا فَرّطْتُ في جنب الله .. آهٍ على قلبي ما أقساه ..! ثم قال : بالله عليكِ يا أمّي إذا أنا مِتّ فَضَعِي خَدِّي في التراب ،، وَضَعِي قَدَمَكِ على وَجْهِي ،، وقولي : هذا جزاء من عَصَى مولاه ،، وترك أمره واتّبَعَ هواه ،، فإذا دفنتيني فَقِفِي على قَبري ،، وارفعي يديك إلى السماء وقولي : اللهمّ إنّي رضيتُ عنه فارضَ عنه ،، فَفَعَلْتُ ما أمَرَنِي به ،، وجميع ما أوصاني عليه .. قلمّا رفعتُ رأسي إلى السماء سمعتُ صوتاً بِلِسانٍ فصيحٍ يقول : : انصرفي يا أمّاه ؛؛ قد قَدِمْتُ على كريم ،، فوجدتُه راضياً عنّي غير غضبان .. فلمّا سمعتُ ذلك ضحكتُ واستبشرتُ خيراً .. فانظروا إلى كرم الله تعالى ولُطفه بعباده المذنبين ..